Admin
مـؤسـس الـمـوقـع
عدد المساهمات : 110 تاريخ التسجيل : 19/09/2009
| موضوع: ما علاقة الإسلام بالسياسة ؟! السبت 03 ديسمبر 2011, 4:24 pm | |
| يتصور البعض أن الإسلام دين طقوس وشعائر وعبادات فقط ، وأنه دين محصور بين أرجاء المساجد. يكفيك فيه أن تتمتم بتسابيح تلوكها الألسن دون فهم أو وعي ، وترفع الرأس وتخفضه وتقوم وتقعد في حركات تؤدي دون خشوع ولا إدراك لماهيتها وحقيقتها فيما يسمى ب(الصلاة) ، ويجيع المسلمون أنفسهم ويظمئونها شهرا في العام فيما يعرف ب(الصيام) ، ويخرج بعضهم أموالا يدفعها إلي الفقراء منّا وأذى فيما يعرف ب(الزكاة) ، ويتوجه الراغبين في الشهرة والحصول علي الألقاب إلي البقاع المقدسة ، ويعود ب(لقب الحاج) وبذلك يتصور أن دينهم قد أكتمل ، وأن أركان إسلامية قد استوفت ، وأنهم غدوا من عباد الله المؤمنين الأتقياء الورعين ، الذين ضمنوا السعادة في الدنيا والنعيم المقيم في الاخرة!
وليس الإسلام علي النحو الشائع السابق. ومن ظنه كذلك كان علي جهل مطبق وضلال مبين. فالإسلام عقيدة صافية نقية لا انحراف فيها ولا اعوجاج ، وعبادات وشعائر تؤدى في خضوع وخشوع ، وفهم ووعي كامل بآثارها القوية في السلوك الإنساني ، شريطة أن يصحبها الإخلاص لله (عز وجل) ، وأن تكون موافقة لما أتى به الشرع دون زيادة ولا نقصان ، وأخلاق طيبة وسلوك مستقيم ، ومعاملة حسنة مع الناس كترجمة حقيقية وانعكاس صادق للعقيدة والعبادة الحاقة. يقول الله (تعالى): "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا". ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديث صحيح يرويه البخاري بسنده إلي عائشة (رضى الله عنها): "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد".
وديننا الحنيف متكامل يشمل كافة جوانب الحياة الدنيا، ويتغلغل في كافة مجالاتها السياسية ، و الاقتصادية ، والاجتماعيه ، والثقافية ، والحربية ، ولا عجب في ذلك ؛ لأنه الدين العالمي الخاتم ذو الكتاب الخالد ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد. فأصول الإسلام وقواعده تتصف بالشمول والعموم ، والليونة والمرونة ، حيث تم ترك التفاصيل لظروف كل عصر و مستجداته بما يضمن لمبادئه التطبيق في يسر وسهولة ، وبما يتفق مع عالمية هذا الدين وصلاحيته لكل زمان ومكان. قال (تعالى): "تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا" ، و "ما فرطنا في الكتاب من شيء" ، وقوله أيضا: "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ".
لقد ظهرت في العصر الحديث دعاوي باطلة ، تحاول تجريد الإسلام من شموله ، وزاعمة أنه دين روحي فحسب ، ولا علاقة له بتنظيم دنيا الناس. والهدف من تلك الأراجيف الباطلة واضح ، إذ يحاولون عن طريقها عزل الإسلام عن الحياة ، وإلغاء أي دور له في قيادة الدنيا ، في محاولة يائسة من أعدائنا لمنع أمتنا من استعادة ريادتها للعالم من جديد. وللأسف الشديد ردد أقاويل المغرضين بعض المنتسبين إلي الإسلام عن جهل ، أو سوء نية وقصد.
فمعلوم للكافة أن الرسول كانت له السلطة المادية، وكان حاكم الأمة، وأنشأ دولة إسلامية بها مقومات الدولة الحديثة من أرض ، وحكومة ، ودستور تحكم به.ولم تكن الخلافة مصدر استبداد ، بل كانت رحمة وعدلا ، وخيرا وقوة ، وسببا في وحدة المسلمين ، وفتوحاتها ، وانتشار دينهم. وإن كانت بها بعض فترات الضعف ، فان ذلك لا يحسب علي الإسلام ، ولا يلصق بالمسلمين. فالإسلام و مبادؤه شيء ، والمسلمون غير الملتزمين شيء أخر.
والقرآن الكريم مملوء بآيات كثيرة لها علاقة بمختلف شئون الحياة ، ومنها السياسية. من ذلك قوله (تعالى): "وأمرهم شورى بينهم" هذا حديث عن ركن ركين من أركان الحكم في الإسلام وهو (الشورى). وقوله: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم" فهنا تناول القرآن الكريم وجوب طاعة الرعية للحاكم المسلم في غير معصية لله ولرسوله. وقوله أيضا: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل". فهذا نص علي أن العدل أحد قواعد الحكم والسياسة في الإسلام. وأيضا قوله(تعالى): "أن أكرمكم عند الله أتقاكم". هذا هو مقياس التفاضل بين الناس في النظام السياسي الإسلامي.
ومعلوم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مارس السياسة وشئون الحكم ، فقضى بين الناس وأقام الحدود ، وقاد الجيش في الغزوات ، وولى الولاة والعمال. وهذا كله من مهام رجل السياسية الذي يحكم الدولة. فلم يفصل الرسول إذا بين الدولة والدين ، ولا بين الإسلام والسياسة ، ويضاف إلي ذلك توجيهاته السياسية في أحاديثه النبوية المطهرة، ومنها قوله عن حدود طاعة الحاكم: "إنما الطاعة في المعروف". وكذلك تحديده مسئوليات أفراد المجتمع الإسلامي علي مستوى الدولة ، وعلي مستوى الأسرة حيث قال: "ألا كلكم راع،وكلكم مسئول عن رعيته ؛ فالإمام الذي علي الناس راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع علي أهل بيته وهو مسئول عن رعيته ، و المرأة راعية في بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم ، وعبد الرجل راع علي مال سيده وهو مسئول عنه. ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته".
وهذا يثبت بما لا يدع مجالا للشك وثاقة الصلة بين الإسلام والسياسة ، وأن الذين يريدون فصل الدين عن السياسة مغرضون ، ويحاولون نشر العلمانية في المجتمعات الإسلامية كما هو الحال في المجتمعات الأوربية وغيرها في العالم ، حيث نحوا الدين جانبا ؛ كي يتفلتوا من ضوابطه وقوانينه ، التي تحد من انحرافهم وانفلاتهم ، وشهواتهم المحرمة.
والبعض ينفي صلة الإسلام بالسياسة علي اعتبار أن الشائع لدى الناس ارتباط السياسة بالحيل والألاعيب والخداع. وليست السياسة في الإسلام بهذا المفهوم البغيض ؛ لأنها تعني عندنا الاهتمام بإدارة شئون الناس في المجتمع ورعاية مصالحهم. وهي بهذا تدخل في صميم الإسلام ، بل الإسلام بهذا المفهوم الراقي للسياسة كله سياسة ؛ لان كل ما فيه من تعاليم وقوانين يهدف إلي خير البشرية وسعادتها في الدنيا والأخرة. ولم لا وهو هدية الله إلي الناس جميعا؟ وصدق الله العظيم إذ يقول: " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"؟! وهو القائل أيضا: "كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلي النور بإذن ربهم إلي صراط العزيز الحميد".
منقول - معدل | |
|